(9)

قصيدة كتبها الشاعر الرائع فاروق جويدة، ينعي فيها شباب بلادنا الذين غرقوا قرب سواحل إيطاليا، ويبكت فيها الذين باعوا البلاد، وسرقوا العباد، واستنزفوا أموال الشعوب، قصيدة مبكية تدل على أن الشاعر الحقيقي لا يعيش بمعزل عن آلام أمته وجراحها.....ـ
كم عشت أسأل أين وجه بلادي؟؟
كَمْ عِشْتُ أسألُ أينَ وجهُ بلادي؟؟
أينَ النخيلُ ؟
وأينَ دفءُ الوادي؟
كَمْ عشتُ أسألُ أين وَجْهُ بِلادِي؟؟
أِيْنَ النَّخيلُ وأَيْنَ وَجْهُ بلادِي؟؟
لا شيء يبدو فِي السَّمَاءِ أَمامَنَا غيرَ
الظلامِ وَصُورَةَ الجَلادِ
هو لا يغيبُ عَنِ العُيونِ كأنَّهُ
قدرٌ كيومِ البَعْثِ والميلادِ
قَدْ عِشْتُ أَصرخُ بينكم وأُنادي
أبني قُصُورًا مِنْ تلالِ رمادي
أهفو لأرضٍ لا تُسَاوِمُ فرحتي
لا تستبيحُ كرامتي وعِنَادي
أشتاقُ أطفالاً كحبَّاتِ النَّدى
يتراقصُونَ معَ الصَّباحِ النَّادي
أهفو لأيامٍ تَوَارَى سِحْرُهـَا
صَخَبُ الجِيَادِ وفرحةُ الأعيادِ
اِشْتقتُ يومًا أنْ تعودَ بلادي
غَابتْ وغبنا وانتَهَتْ بِبِعَادِ
في كلِّ نَجْمٍ ضَلَّ حلمٌ ضَائعُ
وسحابةٍ لَبِسَتْ ثيابَ حدادِ
وعلى المدى أسرابُ طيرٍ راحلٍ
نسي الغِنَاءَ ....فَصَارَ سربَ جرادِ
هذه بلادٌ تَاجرَتْ فِي أَرْضِهَا
وتفرقتْ شِيعًا بِكُلِّ مزادِ
لمْ يبقَ منْ صخبِ الجِيادِ سِوَى.... الأسَى
تَارِيخُ هذه الأرضِ بعضُ جيادِ
في كلِّ ركنٍ من رُبُوعِ بلادي
تبدو أمامي صُورةَ الجلادِ
لمَحُوهُ منْ زمنٍ يُضاجِعُ أرضَهَا
حملتْ سِفاحًا فاستباحَ الوَادِي
لمْ يبقَ غيرُ صُرَاخِ أمسٍ راحلٍ
ومقابرٌ سَأمتْ منَ الأجدادِ
وعِصَابةٌ سرقتْ نزيفَ عُيونِنَا
بالقهرِ... والتَّدليسِ... والأحْقادِ
ماعادَ فيها ضوءُ نجمٍ شَاردٍ
ماعَادَ فيها صَوْتُ طيرٍ شَادِي
تمضي بنا الأحزانُ سَاخِرةً بنا
وتزورنا دومًا بلا ميعادِ
شيءٌ تكسَّرَ في عيوني بعدما
ضاقَ الزمانُ بثورتي وعِنَادِي
أَحْبَبْتُهَا
أحببتها ......حتى الثُّمَالة بينَمَا
بَاعتْ صِبَاهَا الغضَّ..... للأوغادِ
لم يبقَ فيها غيرُ ......صُبْحٍ كاذبٍ
و صُرَاخُ أرضٍ في لَظَى استعبَادِ
لا تَسْألوني عَنْ.... دُمُوعِ بلادِي
عن حُزنِهَا في لحظةِ استشهادِ
في كلِّ شبرٍ منْ ثَرَاهَا .....صَرْخَةٌ
كانتْ تُهرولُ خلفنَا و تُنَادِي
الأفقُ يَصْغرُ.... والسماءُ كئيبةٌ
خلفَ الغيومِ...ـ
أرى جِبَالَ سوادِ
تتلاطمُ الأمواجُ فوقَ رؤوسِنَا
والرِّيحُ تُلقي للصخورِ عَتَادِ
نَامتْ على الأُفقِ البعيد ملامحٌ
وتَجمَّدَتْ بينَ الصَّقيعِ أيادي
ورفعتُ كفِّي كي يَرَاني عابرٌ
فرَأيتُ أُمِّي........ في ثِيابِ حدادِ
أجسادُنا كانتْ تُعانِقُ بعضَهَا
كوداعِ أحبابٍ بلا ميعادِ
البَحْرُ لم يرحمْ براءةَ عُمْرِنَا
تتزاحمُ الأجسادُ في الأجسادِ
حتى الشهادة راوغتني لحظةً
واستيقظتْ فجرًا أضاءَ فؤادي
هذا قميصي فيه.... وَجْهُ بُنَيَّتِي
ودعاءُ أُمِّي...

كِيسُ ملحٍ زادي

رُدُّوا إلى أمي القميصَ...
فقدْ رَأتْ ما لا أَرَى مِنْ غُرْبَتِي ...
و مُرَادي
وطنٌ بخيلٌ ....
باعني في غَفْلةٍ
حينَ اشترَتْهُ عِصابةُ الإفسادِ
شاهدتُ منْ خلفِ الحُدودِ ....مَوَاكبًا
للجُوعِ تَصرخُ في حِمَى الأسيادِ
كانتْ حشودُ الموتِ تمرحُ حولنَا
والعمرُ يبكي...
والحنينُ يُنَادِي
ما بينَ عُمْرٍ ......فرَّ مني هَاربًا
وحكايةٌ يزهو بِهَا أولادي
عَنْ عاشقٍ هجرَ البلادَ وَأَهلَهَا
ومضى وراءَ المالِ والأمجَادِ
كلُّ الحكايةِ...
أنَّها ضَاقتْ بِنَا
واستسلمتْ للصِ والقَوَّادِ
في لحظةٍ...... سكنَ الوجودُ
تناثرتْ حولي مرايا الموتِ والميلادِ

قدْ كان آخرُ ما لمحتُ على المدى

والنبضُ يخبوصُورَةَ الجلادِ

قد كان يضحكُ والعِصَابةُ حولَهُ
وعلى امتدادِ النَّهرِ يبكي الوادي
وصرختُ...
والكلماتُ تهربُ من فَمِي
هذي بلاد.............. لم تعد كبلادِ!!


3 تعليقك:

جميل والله انك كتبتها انا سمعتها منه فى العاشره مساءا
وقاعده بقى مستنيه اخر قصيده كتبها بصراحه اتنكدت
بس القصيده عجبتنى جدا
وعجبنى اكتر انك قدرت تحصل عليها
تحياتى

١١ يناير ٢٠٠٨ في ٦:٤٤ ص  

نعم قرأتها يا سيدي..!!

ولكن طعم الملح في افواه الغرقي علي شواطئ الغربة اشد قسوة من ابياتها
في تلك اللحظة التي تجمدت فيها الروح وهي تتشبث بجدران الجسد..تقاوم الغرق معه بماذا كان يفكر هؤلاء..امهاتهم زوجاتهم اطفالهم..في حين كان اعضاء الحكومة ما بين جالس يحصي ما زاد في ثروته ومابين نائم في احضان اماني بمنصب ارفع وثروة لا تعد..!!
دمت بخير

١٢ يناير ٢٠٠٨ في ١٢:١٠ ص  

مهما كان تاثير القصيده فى قلوبنا ووقعها فى نفوسنا
فصورة هؤلاء الشباب المغلوبين على امرهم كغيرهم
اشد قسوه
ولحظى السيء
كان اثنين منهم من بلدتى
كل ذنبم فى الحياه انهم ولدوا فى هذه البلاد فى هذا الزمن
كل خطاهم انهم حلموا
نعم حلموا
بحياه عاديه
لا اكثر
فكان جزائهم
الموت غرقا
فليقل عنهم علماء الدين الماجورين اهم منتحرين
فالله وحده عنده الجزاء

١٣ يناير ٢٠٠٨ في ٦:٠٣ م  

رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية